الخميس، 23 أبريل 2009

إعلام حزب الله و حلفائه... قنابل دخان تتسر بالمقاومة

إعلام حزب الله و حلفائه...قنابل دخان تتسر بالمقاومة
لتهرب من جريمة تخريب مصر
لا تزال قضية الحملة الغاضبة بين مصر و حزب الله تلقى بظلالها على وسائل الإعلام العربية بين مؤيد لمصر و مؤيد لحزب الله ولتشير بأن قصة الصراع لها أبعاد متعددة بين أبعاد أمنية و إستراتيجية و إقليمية و طائفية وقضائية و إعلامية بالإضافة إلى صراع الهيمنة الذى تريد أن تقحمه إيران على أجندة القضايا التى تخص الشرق الأوسط وصراع نجومية وكاريزما شخصية لقادة شرق أوسطيين يريدون أن تكون لهم الكلمة الأولى و الأخيرة فى متعلقات الحرب على غزة و التى أشارت بعض وسائل الإعلام المؤيدة لحزب الله أن مصر فقدت هيبتها خلالها

التلاعب بمشاعر ملتهبة
بعد الدور الذى لعبه حزب الله فى حرب إسرائيل المفتوحة على لبنان فى صيف عام 2006، حظى شخص السيد حسن نصر الله الأمين العام للحزب بشعبية واسعة فى العالم العربى و الإسلامى بسبب الإسقاط على شخص العدو الذى يواجهه و هو الدولة العبرية، و برز كرمز للمقاومة بعد أن أثبتت حكومة إيهود أولمرت وقتها فشلها فى إحتواء القوة العسكرية للحزب. وخرج حسن نصر الله من حرب لبنان ملوحاً بشارة إنتصار لا لأنه هزم الدولة العبرية و لكن لأنه جعلها تفشل فى أن تهزمه. سيناريو الحرب على لبنان بشكله الجائر من قبل إسرائيل تكرر بشكل أبشع فى الحرب على غزة وهى التى ظهرت فيها مقاومة حركة المقاومة الإسلامية حماس كالشقيق التوأم لمقاومة حزب الله فى الجنوب اللبنانى. السيناريو المتكرر من نظام الحرب الجائرة و القوى غير المتعادلة و التعسف بحق المدنيين و التدمير الوحشى للبنية التحتية لقطاع غزة المحاصر ساهم بشكل كبير فى زيادة شعبية الحركة وعدد المتعاطفين معها.

العامل المشترك بين الحربين هو ظهور صورة المقاوم الباسل للعدو الصهيونى و عدم رضوخه لشروط تفاوض لا يراها عادلة، هذا بالإضافة إلى صمود شعب لم ينجح جور الحرب فى قلبه ضد أى من حزب الله أو حركة حماس. ذلك و إن كان قد أحرج النظام الإسرائيلى و عراه أمام عدسات الإعلام كنظام شرس يحارب بلا هوادة أو تمييز بين عسكرى و مدنى من ناحية، فأنه قد أضفى نوع من القدسية على رموز المقاومة فى كل من جنوب لبنان و قطاع غزة فى شخصى حسن نصر الله و خالد مشعل من ناحية أخرى، و هو ما سبب نوع من التلاعب بمشاعر ملتهبة أصلاً فى صراع دام فى المنطقة منذ عقود. مشاعر العرب و المسلمين الغاضبين من الاحتلال الإسرائيلى لن تقوم بطبيعة الحال بتحليل البنية الداخلية و الفكرية لأى من حزب الله أو حماس، و لا التدقيق فى النوايا والتحالفات والاستراتيجيات، بل أن أحداً لم يكن ليسأل لماذا تجتمع أهداف تنظيمين مختلفين طائفياً وسياسياً فى هذا التوقيت وما قصة التمويل الذى يحصل عليه كل منهما ولماذا تضفى شرعية على أسلحة إيرانية مهربة من أجل المقاومة الآن وهى الأسلحة التى طالما أدانها العرب والسنة بالتحديد واعتبروها خطوط حمراء على طهران ألا تتخطاها فى المنطقة؟

الإسقاط على إسرائيل
بالطبع لم يكن أحد ليسأل والا يكون هناك و كالمعتاد الاتهام الجاهز بعدم التعاطف مع شعب غزة وفقدان روح المقاومة أمام الكيان الإسرائيلى، و هذا هو الأساس بالتحديد للحملة الإعلامية التى بدأ حزب الله يشنها على مصر كنظام وكدولة منذ العدوان الإسرائيلى على غزة بسسب انتقاده لدور مصر أثناء الحرب و رفضها فتح معبر رفح. طبيعة الحملة الإعلامية لحزب الله تعتمد وسائل متعددة أهمها الإسقاط على إسرائيل عن طريق الاتهام أو التلميح إلى تعاون ضد أهداف المقاومة. فالمتابع للواقع يعرف أن هذه الوسيلة تعمد التغطية على أعمال خلية حزب الله فى مصر أو التبرير لوجودها. وتشير المصادر الأمنية المصرية أن خلية حزب الله فى مصر انطلقت من قطاع غزة وأن المتهم الرئيسى فيها هو اللبنانى محمد يوسف منصور العضو فى حزب الله والذى يحمل الاسم الكودى سامى شهاب بالإضافة إلى 49 متهماً آخرين منهم 24 هاربين. وأشارت التحقيقات مع المتهمين إلى أنهم كانت بحوزتهم مواد متفجرة وأحزمة ناسفة اعترفوا بأنهم كانوا يريدون إدخالها عن طريق عرب 1948 بهدف القيام بعمليات فى إسرائيل. كما أشارت نيابة أمن الدولة العليا المصرية أن المضبوطات مع المتهمين تتعلق أيضاً بتهم خاصة بعمليات ضد مواقع سياحية فى سيناء يرتادها السياح الإسرائيليون وعمليات رصد سفن بقناة السويس. الإسقاط على إسرائيل إذن و اللعب على الوتر العاطفى لفكرة المقاومة هدفا بكل وضوح منذ بداية الحملة إلى تقديم المبررات مسبقاً لوجود حزب الله على أرض مصر وتحقيق المزج بين مشاعر المعارضة للنظام المصرى على المستوى الداخلى و مشاعرالمعارضة لدور حزب الله فى المقاومة. ونلمح ذلك مثلاً فى بعض ردود الأفعال داخل مصر مثل التصريح على لسان صبحي صالح، النائب الإخواني بمجلس الشعب المصرى و المعارض لحملة مصر على حزب الله بأن"الشعب المصري حريص على المقاومة باعتبارها الشرف العربي الوحيد الباقي، وباعتبارها خيار الشعوب للتحرر والكرامة الوطنية"

تهميش رموز النظام
عنصر ثان من عناصر الحملة الإعلامية لحزب الله يعتمد على توجيه الاتهامات السياسية للنظام المصرى اعتماداً على تاريخ مصر فى عقد معاهدة السلام مع إسرائيل وما لهذه المعاهدة من مشاعر مضطربة فى أذهان العرب و المصريين على حد سواء. فكان بذلك هناك ربط بين الحاضر و الماضى والتلميح بأن القرار المصرى بعدم فتح معبر رفح هو نوع من الحماية للمصالح الإسرائيلية التى وقعت معها مصر معاهدة سلام. وبدأت وسائل الإعلام الموالية لحزب الله فى بث العديد من البرامج التى تهدف من ناحية عرض الفجوة بين واقع السلام وواقع المشاعر العربية، و بين قرار النظام و قرار الشعب من ناحية أخرى و هى وسيلة واضحة لمحاولة تهميش رموز النظام المصرى و إظهارهم بصورة الاستبداد ضد المشاعر الشعبية دون تحليل موضوعى لخلفيات القرارت التى يتخذونها. وهكذا يكون الرهان على صراع الشخصيات بين نمطين أحدهما المقاوم الباسل الذى يحظى بكاريزما و جماهيرية لأنه يمثل صحوة حلم مواجهة إسرائيل و القضاء عليها، و بين نمط رجل السلطة الموالى للغرب و لا سيما للثنائية الأمريكية الإسرائيلية

وربطت قناة المنار اللبناية لسان حال حزب الله فى عناوينها الموقف السياسى لمصر ضد حزب الله بحركة حماس، فجاءت عناوين مثل "إعلام العدو: بعد الهجوم المصري على حزب الله.. حماس التالية" وهو موضوع اعتمد على المصادر الإسرائيلية فى تأكيدها على التعاون مع مصر، و أضاف المقال "نائب رئيس معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي إفرايم كام اعتبر أن الموقف المصري يحتوي أهمية مزدوجة، فمن المهم أن تلجأ مصر الى خطوات جذرية ضد الجهات الارهابية التي تسعى إلى ضرب اسرائيل، كما يهم إسرائيل أن يتصدى طرف عربي أساسي علناً ضد مثلث ايران وحماس وحزب الله، وإظهاره كعدو للاعتدال العربي. وأعرب افرايم كام عن اعتقاده بأن مصر ستكون مستعدة لتقبل مساعدة استخبارية من اسرائيل ضد هذا المحور ولكن بشكل غير علني

نمط الدولة الثورية
العنصر الثالث من عناصر الحملة الإعلامية انتهج مبدأ تعرية هيبة الدول وطرح المقارنة بين ما تصفه بأنه نمط الدولة الثورية (إيران) التى تتعهد بتبنى قضايا المنطقة و على رأسها الصراع العربى الإسرائيلى و نمط الدولة التى فقدت هيبتها (مصر) ليس فقط بسبب قراراتها الخاطئة و لكن بسبب سحب موقع الريادة منها أمام التقرب الغربى مؤخراً من كل من سوريا و إيران و الاعتماد على الأخيرة كدولة حدودية لدعم استراتيجية أوباما الجديدة فى أفغانستان، و إعطاء أدوار لكل من تركيا و قطر فى قضايا تخص المنطقة. لكن الواقع مرة أخرى يشير إلى أن المفاوضات فى الحرب على غزة كانت تحت إطار المبادرة المصرية والتى تضمنها قرار مجلس الأمن رقم 1860 لوقف إطلاق النار فى غزة. وأثارت هذه المحاولة للمقارنة من قبل حزب الله ردود أفعال غاضبة فى مصر مما جعل وزير اخارجية أحمد أبو الغيط يصرح بأن احزب الله ولخليته فى مصر رغبة فى "تحويل مصر كي تكون وصيفة للملكة الإيرانية المتوجة. مصر لن تكون وصيفة لأحد؛ لأنها هي نفسها السيدة المتوجة في هذا الإقليم". بينما وصف وزير الخارجية الإيرانى منوشهر متكى الحملة المصرية على حزب الله بأنها "قديمة و مفضوحة" تريد بها مصر أن تغطى على فشلها إقليمياً

رمز لا يعترف بالحدود
العنصر الرابع فى الحملة الدعائية لحزب الله يتمثل فى خطاب أمينها العام حسن نصر الله والذى يطرح نفسه كرمز ولا يعترف لدوره بحدود دولة أو إقليم. فالخطاب الذى ألقاه مؤخراً اعترف فيه بأن المعتقل اللبناني لدى أجهزة الأمن المصرية سامي شهاب هو عضو بحزب الله و كان يقوم بنقل الدعم اللوجستي إلى المقاومة بغزة ولم يكن يستهدف زعزعة الأمن المصرى، و أضاف "لا نريد أن ندخل فى عداء مع أى نظام عربى ولا نسعى إلى نشر المد الشيعى حتى داخل لبنان، لأن قضية الحزب الأساسية هى تحرير الأرض وحماية لبنان من المشروع الصهيونى الذى يهدد المنطقة بأسرها". خطاب حسن نصر الله عمد إلى التفريق بين النظام و الشعب، و بين انتهاك سيادة الدولة وبين المقاومة واعتبر الأخيرة الشعار الشرعى الذى يمكنه من أن ينتهك القانون الدولى وسيادة الدول المجاورة بكل فخر، فهو الذى وصف التهم المصرية بأنها مدعاة لفخره و لخزى النظام المصرى من تخاذله فى نصرة المقاومة

خلاف مصر و حزب الله يصب موضوعياً فى صميم الشد و الجذب بين إيران و الدول العربية ويأخذ هذه المرة شكل الصراع من أجل المقاومة لضرب النظام المصرى إقليمياً فى مقتل اعتماداً على المشاعر العربية الملتهبة ضد إسرائيل، غير أن الخبراء السياسيين والعسكريين يرون أن قضية خلية حزب الله هى مجرد نواة لتنظيم إيراني متشعب ومنتشر في العديد من الدول العربية خاصة الدول التي تصفها إيران ب"محور الاعتدال" لتأخذ المواجهة بذلك منحنى عسكري عن طريق خلق دول طوق لحزب الله فى الدول العربية المجاورة لإسرائيل و يتغلغل بأجندة إيرانية باطنية و أجندة المقاومة فى فلسطين ضد العدو الصهيونى ظاهرياً وهى الذريعة الرئيسية لإيران للحفاظ على برنامجها النووى. المشروع الإيرانى الذى يستخدم حزب الله كذراع له فى المنطقة بات المقابل الشيعى لتنظيم القاعدة و ينتهج نفس الأسلوب عن طريق الاعتماد على الخلايا اللامركزية السرية لا سيما فى أوروبا و الولايات المتحدة و الشرق الأوسط. تبادل الاتهامات بين حزب الله و النظام المصرى لا يزال مستمر وسط اعتماد مصر على الحيثيات الجنائية و القضائية لخلية حزب الله بينما يعتمد حزب الله على حملة دعائية على غرار مساجلاته فى معركته مع قوى 14 آذار اللبنانية ليخلط بها جميع الأوراق ببعضها بهدف أن تكسب فى النهاية ورقة المشاعر الملتهبة. غير أن المفارقة الحقيقية هنا هى مواجهة حزب الله لنظام عربى للمرة الأولى بشكل جنائى التبست فيه الأبعاد السياسية و الطائفية و الإقليمية مما تسبب له فى خسارة على مستوى شعبيته فى المنطقة و هو ما أكده الإستفتاء الذى قام به مؤخراً موقع قناة العربية
جريدة القاهرة
عدد 21 أبريل

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

من قال لااله الا الله محمد رسول الله
على كل مسلم مناصرته كما امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واهل غزه اعتقد ان لم اؤمن بانهم يقولون (لااله الا الله محمد رسول الله) وعلى كل مسلم مناصرتهم او يترك من يناصرهم يناصرهم
يعنى لا نرحم ولا نجعل رحمة ربنا تنزل....
عجبى